إن كانت الجهوية المتقدمة تعني في أبسط تعاريفها استقلال تدبير المؤسسات الجهوية بنوع من الاختصاصات الذاتية، التي يمنحها لها القانون في انسجام تام مع السياسات العمومية، فإن بعض المسؤولين المركزيين لا زالوا لم يستوعبوا هذا المعنى أو ربما استوعبوه لكن رؤيتهم للاشتغال داخل قطاعاتهم تحكمها مصالح وأهداف أخرى غير واضحة المعالم تضرب في العمق هذا الورش الملكي، واضعين مجهودات جهوية جبارة تحت رحمة توقيع أو أحيانا إعطاء إذن فقط وكأنهم يظهرون سلطتهم الفاشلة والمفشلة والمعرقلة لورش ملكي كبير هو الجهوية المتقدمة.
و لعل أوضح مثال و عنوان لإفشال الجهوية المتقدمة هو أن يتم إعداد اتفاقية جهوية تهم المقاولات الصحفية بجهة كلميم واد نون بمشاورات جهوية محضة، و بلقاءات و مجهودات جهوية محضة، و في إطار الاختصاصات الموكولة لمجلس الجهة حسب القانون المنظم للجهات 111.14 الذي يعتبر آخر ابتكارات الجهوية ببلدنا، و بعد مجهود جهوي استمر لأكثر من سنتين بين أرباب المقاولات الصحفية و رئيسة جهة كلميم واد نون و مدرائها و مصالحها و بدفتر تحملات “مرتقب” وواضح المعالم وبالتزامات واضحة حسب بنود الاتفاقية، ويصادق عليها في دورة دستورية (يوليوز الماضي) لمجلس جهة كلميم واد نون بإجماع ممثلي الجهة….يأتي وزير على المستوى المركزي ضاربا عرض الحائط كل هذه المجهودات و يتلكأ في إعضاء الضوء الأخضر لمديره على المستوى الجهوي للتوقيع على الاتفاقية و دون أن يكلف نفسه إعطاء توضيحات و لا أسباب مقنعة عن ذلك سواء لحامل المشروع، أو لممثله ولإدارته على المستوى الجهوي.
و مع العلم أن وزارته لم ولن تساهم بسنتيم واحد من ميزانيتها في مبلغ تنفيذ الاتفاقية، لكنه فضل سياسة النعامة والتلكأ ولم يكلف نفسه حتى عناء الرد على مراسلات المؤسسات الجهوية المعنية بعد المراسلة الأولى التي تضمنت الاتفقاية وأخرى بمتابة تذكير، أليس هناك احتقار و تبخيس لعمل المؤسسات الجهوية أكثر من هذا ؟ أهذا هو التواصل من وزير يحمل حقيبة التواصل في حكومتنا؟ أليس هناك انتقاص من رمزية المؤسسات الجهوية أكثر من هذا؟
الجسم الصحفي والإعلامي بجهة كلميم واد نون ليس قاصرا على استنباط مبررات السيد وزير قطاع التواصل غير المقنعة، و غير الواقعية، وحتى غير “الإنسانية” (إن استحضرنا كلام رئيسة الجهة إبان التصويت على الاتفاقية والتي ذكرت الأسباب التي فرضت عليها التعاقد مع المقاولات الصحفية بالجهة)، فخرجاته بالبرلمان تفسر ذلك، لكن ليعلم السيد الوزير أنه مسؤول عن الدعم على المستوى الوطني والذي سيمنحه للمحضوضين حتى لا أقول شيئا آخر وهو دعم بناء على أوراق و شروط فقط، فلماذا يعرقل تعاقدا (وليس دعما ) مبني على التزامات و واجبات لمجرد أنه يملك سلطة إعطاء الإذن لمديره الجهوي الذي اختارته مؤسسة الجهة للتوقيع على الاتفاقية.
فإذا كانت ستة شهور دون احتساب شهر يوليوز الذي صودق فيه على الاتفاقية غير كافية للسيد الوزير على إعطاء إذن لمديره الجهوي على التوقيع على الاتفاقية أو على الأقل الرد عليه باعتباره ممثله في الجهة والرد على المؤسسات المعنية الأخرى بالاتفاقية موضحا الأسباب التي حملته لاتخاذ هذا الموقف أو ذاك، فقد أعطى السيد بنسعيد نمودجا سلبيا واضحا لمعنى التواصل الذي يشرف عليه ومفهوما أكثر سلبية عن الجهوية المتقدمة، و صورة سلبية عن علاقة المركز بالمؤسسات الجهوية.
“كاين شي ضرب للجهوية المتقدمة كثر من هدشي…..نت خدم كاع على المستوى الجهوي و يجيك وزير بحال هذا ويكول لك راه القرار بدي ماشي ف يد رئيسة الجهة…”
الحسين هداري/ مدير النشر