ما وقع بدورة مارس 2024 لمجلس جهة كلميم، يجب أن يخلق نقاشا قانونيا بين المتتبعين والمختصين في القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات دون الاصطفاف بجانب والي الجهة أو العضو محمد أبودرار. لكن للأسف هؤلاء المختصين في القانون وفي التسيير في جهتنا لم يسجل عليهم يوما أن انبروا لتحليل ومناقشة مثل هذه الإشكاليات باعتبار أن القانون هو الذي يجب أن يحترم في جميع مقررات المجالس و في الاتفاقيات التي تبرمها.
لننطلق من قاعدة يجب أن يتفق عليها الجميع، مفادها أن القانون التنظيمي 111.14 والنظام الداخلي لمجلس جهة كلميم واد نون (وبالأخص الأول) هما و دون سواهما ما ينظم دورات المجلس باعتبار الأول أتى على ذكر النصوص التي تنظم تسيير مجلس الجهة و أجهزته وعلاقته بسلطات الداخلية، والثاني في علاقة الأعضاء بالرئيس وتدخلاتهم وضوابطها داخل الدورات.
ولننطلق من مسألة أخرى يجب أن نتفق عليها وهي أن أي شيء يتعلق بتسيير المجلس الجهوي سواء من حيث شكليات الاجتماع و أثناء الدورات وعلاقة مجلس الجهة بمؤسسات أخرى يمكن لأي عضو كيفما كان أن يطرحها في دورة الجهة في إطار نقطة نظام أو عن طريق الأسئلة الكتابية التي نظمها القانون التنظيمي 111.14.
ولنتفق على مسألة أخيرة أن هذا القانون يطبق ويجب احترامه من جميع من يحضر الدورات من ممثل سلطات الداخلية ورئيسة الجهة و أعضاء و حتى عموم المواطنين الذين يحضرون الدورات التي جعلها المشرع مفتوحة أمامهم، و أن رئيسة الجهة هي المسؤولة على سير هذه الدورات ولسلطات الداخلية الحرص على احترام القانون عبر إبداء ملاحظات فقط وليس بالضرورة تطبيقه في الحال و تتدخل في ذلك بناء على طلب الرئيسة وليس من تلقاء نفسها لأن المشرع منح لها صلاحية المراقبة عن طريق الاستفسار المباشر للأعضاء أو عن طريق القضاء.
النقطة التي أشار إليها عضو المعارضة محمد أبودرار والتي وصفها بالبدعة وزاد عليها السيد الوالي ضلالة تكمن في التوقيع على الاتفاقيات قبل عرضها على مجلس الجهة لاتخاذ مقرر فيها أثناء انعقاد إحدى دوراته و حمل فيها رئيسة الجهة المسؤولية معتبرا ذلك إهانة للمجلس قبل أن يشير إلى رمزية توقيع الوالي القبلي وكأنه تأييد لهذا (الخرق القانوني) على اعتبار أن سلطات الداخلية دورها يتجسد في حماية القانون والحرص على تنفيذه بل وتنفيذه بشكل سليم.
والمتعارف عليه أن رئيس الجهة حسب القانون تعد بمعية مكتبها جدول أعمال الدورات الذي يخضع للتداول والمصادقة. ولسلطات الوصاية المراقبة القبلية عن طريق التعرض على نقطة من نقطه أو المطالبة بإدراج نقطة تراها ضرورية، و النراقبة البعدية عن طريق التأشير على مقررات الدورة.
السؤال المطروح بعد هذا التقديم، إذا كانت سلطات الداخلية في شخص السيد الوالي يوقع على الاتفاقيات حتى قبل عرضها على المجلس فكيف سيمارس الرقابة و إبداء الملاحظات بعد التصويت عليها هل سيبدي ملاحظة على اتفاقية سبق و أن وقع على مضامنها أو بتعبير آخر هل سيراقب الوالي نفسه بنفسه وهل يستقيم وروح المشرع أن تكون لمؤسسة سلطة الإعداد و التنفيذ والمراقبة في نفس الوقت و جميع هيئات المراقبة غالبا ما تكون خارجة عن الأطراف التي تشارك في إعداد لا القوانين في التشريع ولا البرامج والمشاريع في التنمية والتخطيط.
هنا نصطدم بإشكالية قانونية أخرى على اعتبار أن الاتفاقيات تشكل نقط داخل جدول أعمال الدورات والتوقيع عليها قبل إدراجها يعتبر مشاركة فعلية في إعداد جدول الأعما،ل هل يملك السيد الوالي هذا الاختصاص وقانون 111.14 نص على طريقتين في علاقة الوالي بجدول الأعمال لا ثالث لهما نعيذ التذكير بها وهي التعرض على نقطة أو طلب إدراج نقطة ويكون ذلك بشكل مستقل في الفترة الزمنية الفاصلة بين إعداد جدول أعمال من طرف مكتب المجلس و يوم انعقاد الدورة.
من هنا نستنتج أن معارضة العضو محمد أبودرار لتوقيع الوالي على الاتفاقيات قبل عرضها على المجلس لاتخاذ مقرر في شأنها يتماشى مع
مضمون القانون وجوهره بل ويقوي ممارسة السيد الوالي لسلطة الرقابة عليها بشكل سليم و بمسافة واحدة من الأطراف.
هل كان رد السيد الوالي مناسبا ووقف على مسافة واحدة من جميع الأعضاء؟ وهل مارست رئيسة الجهة اختصاصها في النازلة؟ وهل تدخل رجال السلطة من كاتب عام وباشا مدينة كلميم و رئيس ديوان الوالي بتلك الطريقة التي شاهدها الجميع وبدون طلب من رئيسة الجهة يتماشى مع مقتضيات قانون 111.14 ؟
ذلك ما سنتطرق إليه في الجزء الثاني من هذا المقال بنوع من التحليل المقبول.
الحسين هداري: مدير النشر.