واحة امتضي بعد الكارثة…شموخ النخيل لن تكسره السيول
بقلم/ محمد اكينو *
اكملت السلطات فك عزلة الطرق عن كامل دواوير جماعة امتضي المتضررة وعادت الكهرباء والاتصالات ..لكن عزلة شعورية وغصة في حلق السكان .. وحزنا دفينا لا يزال باديا على الوجوه ..
من الطاف الله ان السكان نجوا من الموت الجارف ، وعزاؤنا ان الانسان ومنابع المياه لا يزالون على قيد الحياة ، وهمة الانسان ستعيد غرس ما ضاع واعادة الحياة ولون الخضرة الى جنبات وادي امتضي ..
قوة السيول وحجمها غير مسبوق تاريخيا في هذه الواحة الساحرة الغنية بالماء والطبيعة والتاريخ و القابعة في ركن منسي في اقاصي شرق جهة كلميم واد نون على الحدود مع اقليم طاطا ، امتضي تشترك ذات الجغرافيا مع واحات سموگن وتمنارت التي هي ايضا ضربتها في نفس اليوم فيضانات كبيرة خلفت خسائر كبيرة ضحايا رحمهم الله ، اودية هذه الواحات تشترك في المنابع من اعالي قمم جبال الاطلس الصغير ،كما تشترك في التاريخ حيث كان ايت سموگن هم الحليف القبلي لايت حربيل ..
بعد الكارثة تغير وجه الواحة واختفت اماكن خالدة طبعت ذكريات الصبا، وغابت اشجار معمرة كانت الاماكن تحمل اسماءها ، وجرفت السواقي ، وانحنى شموخ النخيل وولى وجهه للتراب ..
جرفت المياه المئات من اشجار النخيل والزيتون والخروب واللوز في واحة امتضي ، وجرفت مساحات واسعة من اراضي الواحة التي كانت تستغل للزراعات المعيشية..
وحزن السكان ودمعت اعين النساء على روح الواحة ، لان علاقة وطيدة وعاطفية مقدسة تربطهم بالواحة واشجارها وحقولها..للواحة روح لا يحس بها الا أبناؤها ..
هذا المكان السرمدي الذي عاش فيه اجدادنا وصنعوا فيه حضارة شيدت عمران المخازن الجماعية الحصينة (ايكودار) ، التي تحرص الواحة ولا تزال شامخة فوق الجبال منذ مئات السنين ، وابتكروا انظمة للسقي توفر الماء للنبات والانسان بشكل عادل ، ووضعوا قوانين ( العرف) لتدبير الندرة وحماية الواحة..وغرسوا الاشجار ، ودافعوا عنها بدمائهم في زمن السيبة والقلاقل القبلية ، اليوم اضحى أمانة في اعناق ابنائها و مسؤولية الدولة انقاذ هذا الارث الطبيعي والايكولوجي واعادة تأهيل الواحة واستصلاح الاراضي واعادة غرسها لتعود اليها الحياة كما كانت..هذه الواحة التي افتخر بها المغرب امام العالم في كوب 22 سنة 2016 وتعد عروس الواحات بجنوب المغرب ومنطقة جدب سياحي ذات مؤهلات كبيرة تستحق الافضل بعد عقود من التهميش والاقصاء..
أمتضي اليوم تطالب بنصيبها من التنمية والاهتمام ، وتحتاج للجميع ان يمد لها يد العون لتستعيد عافيتها وبهاءها وجمالها الاخاد ..
من قدرنا نحن ابناء الواحات ان نعيش في زمن يشهد اصعب التغيرات المناخية ، تغير فيه السيول فجأة وجه الارض بعنف وتكسر الصور الدهنية وتحطم الارض والانسان و الذكريات..
شموخ النخيل لن تكسره السيول …غرس اجدادنا ، ونحن سنغرس للاجيال القادمة ..
*فاعل جمعوي ابن احة امتضي
2024-09-14
اعلانات