Home »
اخبار محلية »
الصحافة بالصحراء…قوة تواجه الدعاية الانفصالية باعتراف من البوليساريو
الصحافة بالصحراء…قوة تواجه الدعاية الانفصالية باعتراف من البوليساريو
بقلم: ذ. إبراهيم أبهوش
في لحظة فارقة من مسار المواجهة الإعلامية، تعترف جبهة البوليساريو، ضمنيًا، بقوة الصحافة الوطنية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، حين تدعو إلى “تجنيد كل الطاقات” لمواجهة ما تسميه “الدعاية المغربية المعادية”. هذا الاعتراف، وإن جاء مغلفًا بشعارات الكفاح، يكشف عن ارتباك حقيقي أمام تصاعد الأداء الإعلامي المغربي، الذي بات يفضح الأكاذيب الانفصالية بالحجج والبراهين، ويُسقط ورقة التوت عن الدعاية الجزائرية المتواطئة.
إن مراسيم تنصيب المدير الجديد للتلفزيون الوطني بمخيمات تندوف، بحضور الوزير الأول بشرايا حمودي بيون، لم تكن سوى محاولة لإعادة ضخ الأوكسجين في رئة إعلامية تختنق تحت وطأة التكرار والجمود. فالدعوة إلى “الرفع من مستوى الخطاب الإعلامي” ليست سوى رد فعل على ما يحققه الإعلام المغربي بالصحراء من اختراقات نوعية في الوعي المحلي والدولي، وعلى ما يبذله الصحافيون بالجرائد الإلكترونية الجهوية من جهود نضالية في الصفوف الأولى، غير مكترثين بتجاهل بعض الجهات الداعمة التي لا تُقدّر حجم التضحيات ولا عمق الرسالة.
لكن الحقيقة الأكثر إيلامًا، أن المعاناة اليومية للصحافة بالصحراء المغربية تزداد يومًا بعد يوم، في ظل غياب تام للإشهار، وانعدام ثقافة الاشتراك السنوي، وغياب أي دعم مؤسساتي منتظم يمكّن هذه الصحافة من أداء رسالتها كاملة. فالصحافيون والتقنيون يواجهون التزامات مالية خانقة، من أجور متواضعة، ومصاريف تشغيلية متزايدة، إلى التزامات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، دون أن يلتفت إليهم أحد باعتبارهم جنودًا مناوبين في معركة الوعي الوطني.
اليوم، نحن في حاجة ماسة إلى دعم هؤلاء الجنود الإعلاميين، لأنهم أولى من غيرهم بالدعم، ببساطة لأنهم في الخطوط الأمامية، يواجهون التضليل بالحقيقة، ويحمون الذاكرة الجماعية من التشويه، ويصنعون خطابًا وطنيًا عقلانيًا يُرافع باسم الوطن من موقع القوة، لا من موقع الدفاع.
إن الصحافة الجهوية بالصحراء لا تطلب امتيازات، بل تطالب بالاعتراف بدورها الريادي، وبحقها في الدعم العمومي، بما في ذلك تحمل القطاع الوصي التزامات هذه المؤسسات الناشرة تجاه مؤسسة الضمان الاجتماعي، كما هو معمول به في مقاولات أخرى بشمال المملكة، حيث تؤدي الوزارة أجور الصحفيين والتزامات المقاولات، بينما المقاولات الناشرة في الصحراء يُقال عنها: “فليواجهوا مصيرهم”!
عجيب هذا الأمر. صحيح أننا أبناء الصحراء، وحدويون، مؤثرون حقيقيون ونحظى بالمصداقية لدى محتجزي مخيمات تندوف. صحيح أننا نتعرض يوميًا للسب والشتم والادعاءات الباطلة في حق زملائنا من الصحفيين والصحفيات. لكننا نحس دائمًا أن واجبنا الوطني يحتم علينا التصدي، وأن أطروحة الانفصال إلى زوال، وأن الوطن غفور رحيم، ولا حل إلا في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
ما نكتبه ليس ترفًا، بل واجب وطني. والمطالبة بالدعم العمومي الاستثنائي ليست منّة، بل حق مشروع، لأن ما نقوم به من مجهودات وطنية نبيلة يستحق التشجيع، حتى نستمر في أداء رسالتنا النبيلة، ونُسهم في ترسيخ الوحدة الوطنية، وكشف زيف الادعاءات الانفصالية، ومواجهة الدعاية المغرضة التي لم تعد تنطلي على أحد.
نتوجه إلى الجهات الوصية، إلى صناع القرار، إلى من يرفعون شعارات دعم الإعلام الوطني… نقول لهم إن الصحافة الجهوية بالصحراء المغربية ليست هامشًا، بل هي في قلب المعركة، وهي أولى بالدعم والإنصاف. فلتكن لكم التفاتة حقيقية، لا مجاملة ظرفية، تجاه هؤلاء الجنود الذين يواجهون الدعاية الانفصالية يوميًا، ويكتبون من أجل الوطن، لا من أجل الربح.
الصحافة الحرة لا تُشترى، لكنها تحتاج إلى من يؤمن بها، ويمنحها شروط الاستمرار. فهل من التفاتة جادة قبل أن يُرهقها الإهمال ويُطفئ وهجها الوطني؟
2025-09-24
اعلانات