حين تغيب المعلومة يجمح خيال بعض المواقع الإلكترونية، وتدخل في منافسة شرسة من أجل صياغة أكاذيب تقدمها للقارئ بصيغة اليقين.
ولو أحصينا «أخبار» بعض المواقع حول هوية الفتاة التي اصطحبها سعد لمجرد إلى غرفته بفندق «ماريوت شانزيليزي»، في تلك الليلة المشهودة التي عصفت بمسار هذا المغني المغربي، لوجدنا أن فراشه لن يتسع لاحتضان كل الفتيات اللواتي «كشفت» المواقع عن هويتهن. هناك معجبة لبنانية، ثم فرنسية من أصل مغربي، ثم فرنسية من أصل جزائري، ثم الجزائرية الزاهية دهار التي عمت شهرتها فرنسا بعدما تورط كل من ريبيري وبنزيمة في قضية دعارة معها وهي قاصر، مما ساهم في تمتيعها بشهرة واسعة، فاحتلت الصدارة في أغلفة المجلات الفرنسية و«غادرت» عالم الدعارة لتدخل عالم الموضة والأزياء. ولم تكتف المواقع الإخبارية بهذا القطيع من الداعرات بإقحامهن في فراش لمجرد، بل أضافت إليهن فتاة فرنسية بدأ يلمع نجمها في أحد برامج تلفزة الواقع. لقد اختفت «مولات الفعلة» عن الأنظار بعد أن قدمت شهادة طبية تبين أثار الضرب والجرح في جسدها، ولا أحد يعلم ما حدث بالضبط سوى لمجرد نفسه، وكما يقال «سال لمجرد لا تسال الطبيب».
لن نتوقف كثيرا عند «الأخبار السارة» التي تم نشرها عن «إطلاق سراح لمجرد وتبرئته من كل التهم الموجهة إليه»، في وقت كان فيه المغني يقبع في زنزانة منفردة في سجن «فلوري ميروجيس» سيئ السمعة، بينما كانت بعض المواقع تلمع صورة لمجرد على أنه شهريار عصره يصطحب نساء باريس إلى فراشه بدون تبعات والغريب أن هذه المواقع تجهل كل شيء عن آليات المتابعة والمحاكمة في فرنسا، وتتصور أن الأمر يتعلق ببلد من بلدان العالم الثالث، حيث الاغتصاب مباح للنجوم، والإفلات من العقاب أمر محسوم بالنسبة إليهم، متناسين أن قضية اغتصاب قد عصفت بالمستقبل السياسي لـ «دومنيك ستراوس كان» الذي كان على مرمى حجر لينتخب رئيسا للجمهورية الفرنسية، وكان رئيس صندوق النقد الدولي قد سقط سقطة مدوية حين أرغم خادمة أمريكية سمراء على ممارسة الجنس معه، ليجد الشرطة في انتظاره بالمطار فعاش أطوار محاكمة مذلة وضعت حدا لمساره. لم تستحضر بعض المواقع الإلكترونية هذه المعطيات حين كانت تتحف متابعيها يوميا بـ»أخبار» توحي بأن لمجرد سيخرج من محنته كما تسل الشعرة من العجين، وأن فرنسا ستقدم له اعتذارا رسميا مصحوبا بتعويضات مجزية. قضية صاحب «أنا ماشي ساهل»، ليست وحدها ما جعل بعض المواقع تضرب عرض الحائط بالمهنية والتحري وإسناد الخبر إلى مصادر ذات مصداقية، إذ إن هذه «السيبة» الإعلامية شملت أيضا كافة الأجناس الصحافية، وهو ما يطرح أسئلة محيرة حول مستقبل الاعلام المغربي، بعدما تحول الافتراء والاختلاق إلى قاعدة والمهنية إلى استثناء، وهو واقع من الغريب أن نتعامل معه بمنطق «شوف وسكت».