بقلم: سليمان الناجي
مقدمة لا بد منها: إن الكرامة قيمة جوهرية, و هي ما يجعل الإنسان إنسانا و يجعل منه مواطنا و ليس رعية. و الكرامة تستوجب بالضرورة تمتع الإنسان بشروط العيش الكريم, الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و البيئية… و بالحرية و المساواة و بإحترام حياته و تأمينها و سلامته البدنية و أمانه الشخصي.
كما أن الدستور المغربي ينص في الفصل 29 على أن “حرية الإجتماع و التجمهر و التظاهر السلمي… مضمونة”
فالتظاهر السلمي, للمطالبة بحق من الحقوق مثل الحق في الشغل , يضمنه الدستور. و بناء على ما سبق, فإن خروج مجموعة من شباب سيدي إفني للتظاهر أو الإعتصام السلمي له هدف محدد و هو المطالبة بالحق في الشغل. مستعملين لافتات و شعارات واضحة لا تخرج عن هذا الإطار.
نحن نتفق جميعا على أن لكل حركة إحتجاجية إيجابياتها و سلبياتها, فعندما نتكلم عن الحراك الإجتماعي, الذي إنفجر خاصة سنة 2008 , فإنه يجب أن نستحضر أنه و لمدة 39 سنة, عانت المنطقة تهميشا ممنهجا أثر بشكل سلبي في وجدان الساكنة الذين أحسوا بالإقصاء و الحكرة, فيما أغدقت الدولة الأموال الطائلة و الإمتيازات الإقتصادية و المالية على الصحراء أحس البعمرانيون بالميز مما أدى إلى إنفجار المنطقة * السبت الأسود *. رغم ذلك فإن هذا الحراك الإجتماعي كان له دور في لفت الإنتباه إلى ما تعانيه منطقة إفني أيت بعمران من تهميش و أصبح إسمها متداولا دوليا و وطنيا. و كان من نتائجه تحقيق مطلب من مطالب الساكنة ألا و هو العمالة, بينما ظلت التنمية الحقيقية غائبة.
صحيح أننا واعون بأن بعض الأساليب التي إستعملت في جل الحركات الإحتجاجية السابقة و التي أشار إليها السيد أبودرار مثل: – سد الطريق -سد المرسى -… لا نتفق معها و إن كانت إستعملت سابقا فهذا قصور تتحمله النخب و الأحزاب السياسية و الجمعيات التي لم تقم بدورها في توعية الشباب و توعية الساكنة, بل شاركوا بشكل أو بأخر فيما حدث.
إنني و بكل إحترام لا أتفق معك سيد أبودرار في عدة نقط …
أولا العنوان الذي جاء في تدوينتك: “يبيع القرد و يضحك على المشتري”
فإن كنت تقصد الساكنة, فليكن في علمك أنها كانت السند الرئيسي وراء مجموعة من المناضلين المبدئيين الشرفاء, الذين ضحوا من أجل مبادئ يؤمنون بها, فرغم دخولهم للمعتقلات و معاناتهم مع عائلاتهم, كما ورد في تدوينتك (ضرب-سجن-عزل-نفي) فهم غير نادمين بل مفتخرين, و أخرهم السيد عبد الله الحيحي الذي خرج من معتقل بويزكارن مؤخرا و الذي يعتصم حاليا قرب الميناء, خاصة و أن تضحياتهم كانت من أجل مطالب إجتماعية و إقتصادية, أهمها المطالبة بحقهم في الشغل. لهذا سيد أبودرار, لم يعجبني حديثك عن الساكنة بهذا الأسلوب المجحف, خاصة و أنها صوتت لصالحك سابقا حتى أصبحت نائبا برلمانيا-لكنها لم تثق بك من أجل ولاية ثانية-, مثال ما جاء في تدوينتك عن علاقة المعتقلين بالساكنة: ” هل عندما فقدتم حريتكم, كانت الساكنة شادة القفة لعائلاتكم؟” أو ” عندما فقدتم عملكم, دارت لكم الساكنة شي تعويض عن الراتب لي مشى؟”, فإن كنت تقصد مثلا الأستاذ المناضل عبد المالك الإدريسي, فليكن في علمك أن الساكنة وقفت معه ماديا و معنويا, و يكفيه فخرا أنه بعد كل هذه المعاناة رجع إلى وظيفته مرفوع الرأس, إنها ضريبة النضال التي إنتقصت قيمتها, هذه الضريبة التي دفع ثمنها قبل الإستقلال و بعده, فئة من المناضلين الأحرار الذين عانوا سنوات الجمر و الرصاص في معتقلات ( تازمامارت و مولاي الشريف و …) إلى أن وصل المغرب إلى ما هو عليه نسبيا.
و تتحدث في تدوينتك عن المنجزات و عن الدولة التي ضخت بمئات الملايير في مختلف القطاعات!! و لكن لم نلمس أي شيء يحسن من معيشة الساكنة,فيكفي أن تسأل الشباب المعطل و الأسر التي لا تتوفر على دخل قار عن معاناتهم..
و للتذكير فإن إحتجاج المعطلين و إعتصام ” شباب المرسى ” هو إحتجاج و إعتصام سلمي لا يهدف إلى إغلاق المرسى و لا الطريق و لا الضرب بالحجارة, فهو إعتصام لا يريد من المسؤولين سوى فتح حوار جدي و مسؤول للإنصات لمشاكلهم و إيجاد حل لها.
و السلام.