سأحدثكم عن التفاصيل الكاملة لقصة محضر 20 يوليوز الذين أصبحوا ضحية أكبر عملية نصب واحتيال باسم القانون، وإليكم التفاصل: الذهاب إلى الرباط
عندما حصلت على الماستر بميزة حسن سنة 2010 كان همي الوحيد هو الحصول على الدكتوراه قبل كل شيء، ولكن الظروف المادية لم تسمح بذلك، وبعدها مباشرة تغيرت الظروف الإقليمية بسبب الربيع العربي والثورات العربية في تونس ومصر وليبيا وسوريا، ثم الحراك الشعبي المغربي بقيادة حركة 20 فبراير.
لكل هذه الأسباب صادقت الحكومة على المرسوم الوزاري الاستثنائي رقم 100 – 11 – 02 القاضي بتوظيف جميع حاملي الشواهد العليا المعطلين توظيفا مباشرا، بصفة استثنائية بدل إجراء المباراة، من فاتح يناير 2011 إلى غاية 31 دجنبر من نفس السنة.
ثم تم الإعلان عن ذلك عبر القنوات العمومية الوطنية، وعندما سمعت ذلك بأذني ورأيته بعيني على شاشة التلفاز بالقناة الأولى والثانية، التحقت بالرباط لوضع ملفي بوزارة التشغيل، ولا نية لي أصلا في النضال ما دامت الحكومة هي التي طلبت منا ذلك، هذا باختصار هو سبب ذهابي إلى الرباط.
الاضطرار إلى النضال
في فاتح مارس 2011 تم الإعلان رسميا عن توظيف 4304 إطار كدفعة أولى على لسان الوزير المنتدب المكلف بتحديث القطاعات السيد محمد سعد العلمي، وتم إقصاء العدد المتبقي بدون سابق إنذار وبدون أي مبرر.
فقررنا الدفاع عن حقنا في المرسوم الوزاري الاستثنائي عن طريق النضال المشروع الذي يكفله الدستور والقانون.
وبعدها مباشرة تم تأسيس التنسيقيات الأربع: الموحدة، الأولى، الوطنية، والمرابطة، بعد أن تم التأشير على لوائح المجموعات المنضوية تحت لواء التنسيقيات السالفة الذكر من طرف المسؤولين والمؤسسات المعنية بملف الأطر العليا المعطلة، وهي الوزارة الأولى، وزارة تحديث القطاعات العامة، ووزارة الداخلية.
ونظرا لطبيعة الظروف الإقليمية والعربية خاصة، حاولت الحكومة استدراجنا عن طريق الوعود الكاذبة والحوارات الفارغة التي هدفها هو ربح الوقت لا أقل ولا أكثر، فتحولت شوارع الرباط إلى مسلسلات أسبوعية للقمع والتنكيل بخيرة شباب البلاد.
اقتحام المقر المركزي لحزب الاستقلال
جاءت فكرة اقتحام مقر حزب الاستقلال بناء على سبب رئيسي، وهو أن حزب الاستقلال هو من يقود الحكومة بزعامة الوزير الأول السيد عباس الفاسي حينذاك، ونظرا للتماطل والوعود الكاذبة في كل الحوارات السابقة.
معاناتنا داخل مقر حزب الاستقلال
لا أحد منا سينسى سبعة أيام بلياليها قضيناها داخل مقر حزب الاستقلال، والمعاناة التي عانيناها بسبب البرد ليلا وقلة النوم بسبب الخوف من الهجوم علينا من طرف رجال الأمن أو من جهات أخرى، فقد كنا نفترش الأرض ونلتحف السماء، ومع ذلك بسبب التنظيم المحكم صبرنا وتغلبنا على كل الصعاب.
بداية المفاوضات
بعد أن قضينا أسبوعا كاملا داخل مقر حزب الاستقلال، وبالضبط يوم 19 يوليوز 2011 على حوالي الساعة العاشرة صباحا، تمت مهاجمتنا من طرف بعض البلطجية الذين حاولوا اقتحام المقر وإخراجنا بالقوة في موقف مرعب، بعد رشقنا بالحجارة من الخارج وإصابة عدد من الأطر، فيما أغمي على بعض الأطر من النساء بسبب خطورة الموقف والتدخل المفاجئ، ولكن مع كل ذلك بفضل الله تعالى ثم بفضل وحدتنا وتضامننا استطعنا الصمود إلى أن تدخل رجال الأمن وطوقوا المقر بالكامل، عندها أحسسنا ببعض الأمان، وهدأت الأوضاع قليلا، وبعد الزوال، وبينما نحن نهدئ الجميع ونناقش فيما بيننا الخطوات المقبلة في ظل المعطيات الجديدة، فوجئنا من جديد بصعود قوات الأمن على أسطح المباني المجاورة، ودعوتنا عبر مكبرات الصوت للخروج طائعين قبل استعمال القوة، لكن هذا الأمر زادنا قوة وصمودا، وأخبرناهم أننا لن نخرج إلا بعد توقيع محضر معنا يقضي بتوظيفنا جميعا توظيفا مباشرا أسوة بالدفعة الأولى، وتطبيقا للمرسوم الوزاري رقم 100- 11 – 02، وعلى هذا الأمر بدأت المفاوضات بين قادة التنسيقيات الأربع وبين المسؤولين داخل مقر ولاية الرباط.
وبعد مفاوضات مارطونية تم الاتفاق على توقيع المحضر مع التنسيقيات الأربع بشرط استثناء الأطر الحاملين لدبلوم سنة 2011 وهو ما بات يعرف لاحقا بالأطر المقصية من المحضر، الذين اعتصموا في ملحقة وزارة التربية الوطنية بحي الليمون قبل فاجعة المحرقة التي ذهب ذهب ضحيتها الشهيد عبد الوهاب زيدون، والمصاب محمود الهواس.
التوقيع على محضر 20 يوليوز
بعد هذا الاتفاق رجع إلينا قادة التنسيقيات لاستشارتنا في الأمر، وقد كانت الساعة تشير إلى حوالي العاشرة ليلا، فتمت الموافقة على بنود المحضر من طرف الأغلبية الحاملين لدبلوم سنة 2010 وما قبلها، ثم عاد قادة التنسيقيات الأربع إلى مقر الولاية للاتفاق على الحل النهائي، وكان خروجنا من المقر على حوالي الساعة الثالثة فجرا.
بعد هذا اليوم الطويل والمرعب الذي سيبقى محفورا في الذاكرة، تم التوقيع بشكل رسمي على المحضر يوم 20 يوليوز 2011 بين الفرح والحزن، الفرح بالتوصل إلى حل، والحزن على استثناء أطر 2011.
انقلاب حكومة العدالة والتنمية على محضر 20 يوليوز؟
للأسف كنا نظن أن كل الظروف في صالحنا ولكن حدث العكس، دستور جديد وحكومة جديدة ورئيس حكومة جديد، وربيع عربي يعصف بالمحيط الإقليمي، ومع كل هذا فرحنا بصعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم باعتبار المرجعية الإسلامية التي يدعيها، ومن أبرزها الالتزام بالعهود والاتفاقيات.
انتظرنا فاتح نونبر 2011 بداية الأجرأة الإدارية للملف كما هو منصوص عليه في المحضر، ولكن لا جديد يذكر سوى الكلام المعسول والتصريحات الرنانة من القيادات الجديدة للبيجيدي، سواء في الجرائد المكتوبة أو القنوات العمومية.
ومع كل هذه التصريحات الصريحة الواضحة بأن ملفنا في طريقه إلى الحل دون شك، انقلب كل شيء رأسا على عقب، وبالضبط يوم 09 أبريل 2012 بعد لقاء رسمي لقادة التنسيقيات الأربع مع السيد رئيس الحكومة حيث قال لهم: سيرو أوليداتي دوزو المباراة ونا ندعي معاكم ولي ما نجح هاد العام ينجح العام الجاي …سيرو تبيعو النعناع راه الرزق عند الله ماشي عند الدولة”.
بعد هذا اللقاء قررنا الدخول في معارك نضالية قوية للرد على رئيس الحكومة واستهزائه بنا وانقلابه علينا، ولكن لم يزد نضالنا الأمر إلا تعنتا وسخرية منا من طرف السيد بنكيران، حيث أعلنها مباشرة من داخل قبة البرلمان: “سيرو دعيوني ويلربحتوني نوظفكوم”
معركة القضاء بالمحكمة الإدارية
ذهبنا إلى القضاء لأننا واثقون من عدالة قضيتنا، وفعلا حكمت المحكمة الإدارية ابتدائيا لصالحنا في أكثر من 1400 حكم مع التعويض.
ولكن يبدو أن السيد بنكيران أخذ الأمر على محمل التحدي الشخصي لنا، فقرر الاستئناف ضد هذه الأحكام، وبعد أكثر من سنة من الانتظار هُدم كل شيء في أقل من دقيقة أثناء النطق بقرار الاستئناف، والأدهى والأمرّ هو عزل القاضي الذي حكم لصالحنا الأستاذ محمد الهيني.
وهكذا استمرت المعاناة، في انتظار الأمل النابع من ثقتنا بعدالة قضيتنا على يد حزب الاستقلال بعد الوعد الذي أعطانا إياه أثناء حملته الانتخابية استعدادا لتشريعيات السابع من أكتوبر سنة 2016، وتأكيده على ذلك بعد ظهور النتائج في برنامج “60 دقيقة للإقناع” على قناة ميدي1 تيفي، علما أننا لم نرغمه على هذا الوعد، ولذلك وجب عليه أن يفي به مهما كلفه الأمر، لأنه وضع صورته على المحك أمام الشعب المغربي عامة وأمام المحضريين خاصة، كما نرجو من الحكومة القادمة أن تعيد النظر في قضيتنا لأنها عادلة، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة التي لا ذنب لنا فيها، كما نطلب من السيد بنكيران أن يعود إلى رشده ويرد المظالم إلى أهلها.
ونحن لن نمل من الانتظار ما دمنا مظلومين وبعدالة قضيتنا مؤمنين، لأننا تعرضنا لأكبر عملية نصب واحتيال باسم القانون.