Home » نقطة إلى السطر » كلميم واد نون: وقفة مع الإعلام المحلي..رؤية من الداخل

كلميم واد نون: وقفة مع الإعلام المحلي..رؤية من الداخل

بقلم/ الحسين هداري

ليست مهمة الصحفي و الإعلامي أن يثبت وجوده في الساحة الإعلامية بأي الطرق والوسائل، أو أن يثني عليه الناس أو على مقالاته ومواده ، لأن هذا عمل السياسيين الذين يسعون إلى إقناع الناس ببرامجهم السياسية وخياراتهم المذهبية. إنما دور الإعلامي أن يسعى إلى الحقيقة وكشف المستور و إزالة الغطاء عن الأمور التي أريد لها أن تبقى طي الكتمان.
لا أريد أن يفهم في البداية أني أحاول النيل من أحد وليس هدفي التقليل من المجهود الذي تمارسه السلطة الرابعة في الإقليم والجهة، فهناك منابر إعلامية و مواقع إلكترونية محلية رائدة وصحفيون وكتاب مقالات متميزون تجاوزت كتاباتهم المستوى المحلي إلى الوطني،.. لكن واقع الإعلام في جهة كلميم واد نون وبمتابعة بسيطة لما ينشر على المستوى المحلي تشوبه شوائب نوجزها على شكل ملاحظات فيما يلي:
1- كثير من المنابر الإعلامية وفي تناولها للأحداث المحلية لا تحاول أن تتحرى الدقة والموضوعية في تناول الأحداث بحيث يحصل المتلقي على كم هائل من الأخبار والمعلومات دون أن يستبين الصحة منها من الخطأ وكأن المتتبع المحلي محكوم عليه أن يصدق ذلك رغم أن صاحب الخبر والمادة الصحفية لم يعطي قرائن وحجج واضحة تثبت ما ذهب إليه مما يجعل المقال والمادة  الصحفية مليئة بكثرة الهجوم وأحيانا السب والقذف والتشهير والطعن في أعراض الناس والدخول إلى حياتهم الخاصة بدون مبرر وكأن الكاتب لا يتوجه بمقاله إلى عموم القراء وإنما إلى أشخاص وجهات مجهولة لحاجة في نفسه هو.
2- ظهور نوع جديد من التخصص الإعلامي والصحفي في جهة كلميم واد نون، لكن بوجه أكثر سلبية و وأحيانا مَرَضية ا ..فإن كان التخصص في الصحافة يميز ما بين الكتابة والسمعي والبصري أو السياسي والاقتصادي والرياضي،  هذا اللون الجديد يتخصص فقط في الهجوم على أناس وهيئات معينين ، مع استثناء الانتقاد الموضوعي والأخلاقي طبعا، فهناك  سواء عبر مواقع إلكترونية معروفة أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي المعلومة وأحيانا كثيرة المجهولة منها لا تكاد تقرأ فيها مقالا يخرج عن التتبع الخبيث لتحركات ذاك المسؤول أو ذاك المنتخب  ومحاولة اصطياد هفواته رغم أنها لا تستحق أن تكون مادة إعلامية تفيد المتلقي المحلي في شيء ولا تكشف له حقيقة جديدة إنما فقط معارضة أي نشاط يقوم به هذا المسؤول، وربما بإيعاز من أشخاص آخرين أو هيئات أخرى. فلا تكاد تجد مقالا في هذه المنابر يخرج عن هذا السياق ولو قام المسؤول بعمل فيه  فائدة لساكنة كلميم لحَرفته هذه الأقلام بحيث يظهر للقارئ على أنه صفقة مشبوهة تستوجب المعارضة والمحاسبة. وفي كلتا الحالتين السابقتين يخرج الإعلامي المحلي عن دوره الحقيقي  ليمارس دور الكومبارس حسب الطلب.
3- وجود ما يمكن أن نسميه بالصحافة المناسباتية والتي لا تكاد تجد لها أثرا، وغير متتبعة بشكل يومي لمشاكل وهموم الجهة وللشأن المحلي وتنتظر فقط مناسبة زيارة بعض المسئولين المركزيين للمدينة فتبدأ في تحريك أقلامها و أجهزتها بالتهليل والتبجيل مستعملة خطاب الإطناب ومذكرة بإنجازات هذا المسئول في المدينة وكذلك الأنشطة التي قام بها وكذا المشاريع التي دشنها، أو مناسبة مهرجان هنا أو هناك أو نشاط ثقافي هنا أو هناك  …ليجف قلمها وتتوقف أجهزتها عن البت وتطوى صفحاتها مباشرة بعد رحيل المسئول أو بعد نهاية المهرجان في انتظار زيارة أخرى لمسئول آخر ومهرجانا آخر ..ولا تخرج الزيارات التي يقوم بها رؤساء الأحزاب السياسية عن هذا السياق كذلك.
4- مسؤولية الإعلامي المحلي تكون مباشرة أمام متتبعيه و قرائه المفترضين من الساكنة وهم من يملكون حق التقييم والانتقاد ويجب أن يضع الصحفي صلب أعينه هذه الفئة وليس أن يستجدي الرضا أو الثناء من ذلك المسئول  طلبا في مكانة أو حضوة لديه ..وأقول حضوة دون ذكر ما يمكن أن يصاحبها من امتيازات فيصبح الصحفي يجري وراء هذه الحضوة بما يفرضه عليه هذا الأمر من طمس للحقائق أو تقزيمها بشكل يصبح فيه القارئ والمتلقي هو الضحية الأولى لهذا السيناريو المتفق عليه ضمنيا بين الإعلامي والمسئول.
5- يلاحظ داخل المشهد الإعلامي في كلميم وعلى صحافته الكتابية والإلكترونية الغياب التام للشأن الثقافي والتراثي و تغطية الأنشطة الثقافية رغم ندرتها فلا تكاد تسمع بالثقافة إلا حين بكون الهدف هو الإقصاء وكيل الاتهامات بدعوى أن ثقافة المدينة وهويتها مستهدفة من طرف أشخاص آو هيئات في حين أن المفروض أن تكون هناك صحافة متخصصة في تتبع الشأن الثقافي وتسويق الصورة التاريخية والتراثية لجهة  كلميم ومنطقة واد نون بشكل عام دون أن يكون ذلك معتركا لحسابات سياسية أو قبلية.

6- الحق في الحصول على المعلومة ولو أنه منصوص عليه في الدستور الحالي و تم إخراج القانون التنظيمي المنظم له لا يجب أن يكون ورقة للضغط والابتزاز بحيث يصبح مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة أداة ووسيلة من طرف الصحفي والإعلامي لممارسة الابتزاز من أجل إخفاء المعلومة ذاتها حسب رغبة المسؤول أوعدم نشرها أو على الأقل نشرها بشكل يخرجها من محتواها، وتفقد بالتالي قيمتها الإعلامية والإخبارية…حقيقة لازالت مؤسساتنا العامة و إدارتنا تتلكأ و تتحايل في وضع الكثير من المعلومات الإعلام وأمام الرأي العام لكن الصحفي والإعلامي لا يجب أن يساير الإدارة ويستعمل بالتالي وسائل قد تكون مخالفة للضمير  وتسيء للأخلاق وللفطرة البشرية.
7- كثير من الإعلاميين والصحفيين المحليين يطغى على كتاباتهم ومقالاتهم أسلوب البيانات والتنديدات بحيث تحس وأنت تقرأ المقال وكأنك أمام خطاب سياسي لا يميز بين إعطاء الحقائق والوقائع والأحداث بصورتها الحقيقية وبين توظيف هذه الأحداث لكسب الرأي العام المحلي وبالتالي يكون القارئ والمتلقي ضحية التهييج والتحريض أحيانا مما يجعل المقال الصحفي يذوب وينصهر وسط الكم الهائل من البيانات والتصريحات السياسية والتنديدات بالممارسات غير الحقوقية والقانونية التي تطغى على صفحات رواد مواقع التواصل الاجتماعي مما يجعل الكثير من القراء يلصقون لونا سياسيا وتوجها مبدئيا للإعلامي والصحفي قد يكون خاطئا وقد يكون الصحفي نفسه في غنى عنه.

هذه بعض الملاحظات التقييمية وقد تكون مؤاخذات على العمل الصحفي المحلي ربما تجاوزتها بعض المنابر الإعلامية وبعض الأشخاص المتمرسين في مهنة المتاعب بحكم تجربتهم الطويلة في الميدان و يبقى الهدف جازما من هذه الملاحظات ليس التقليل والتنقيص من عمل ومجهود رجال ونساء يحاولون بإمكانيتهم المتواضعة أن يصارعوا من أجل البقاء.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

اعلانات
التخطي إلى شريط الأدوات